باريس – نضال حمادة
ماذا وراء الاستفاقة الغربية المفاجئة بحجة حماية مسيحيي الشرق؟ ومن له مصلحة في التفجيرات الأخيرة ضد الكنائس في مصر في نفس الوقت الذي تجري فيه عملية تقسيم السودان؟ لماذا بدأت في عواصم غربية عديدة عملية تفريخ للجمعيات والهيئات التي تدعي حق الدفاع عن مسيحيي الشرق وتزعم تمثيلهم؟
كثيرة هي الأسئلة التي تطرح هذه الأيام حول ما يدبر للمنطقة من فتنة دينية تعمل هذه المرة على المسلمين والمسيحيين بعد فشل المخطط التفتيتي الشيعي ـ السني رغم الدم الكثير البريء الذي أريق من اجل تغذيته وإشعاله.
في السياق وفي ظاهرة تذكر بما حصل في العام 2005 عقب اغتيال الرئيس رفيق الحريري انتشرت في محطات مترو العاصمة الفرنسية وعلى جدران بعض الشوارع فيها ملصقات ومنشورات باسم لجان الدفاع عن مسيحيي الشرق وحمايتهم، وهذه الملصقات لمن هو متابع استنساخ دقيق وموجه لملصقات وبيانات ظهرت في باريس صبيحة اغتيال الرئيس رفيق الحريري دعت يومها للدفاع عن حرية لبنان وسيادته من الخطر السوري المزعوم.
في هذا الموضوع تقول الباحثة والكاتبة حياة حويك في حديث مع "الانتقاد": ان هناك مخططا قديما منذ سبعينيات القرن الماضي يسعى إلى تفتيت الدول الكبرى في المنطقة لجعلها (ميكرو دول) بحيث تسهل عملية السيطرة عليها والتحكم بها من خلال تفتيتها لدول صغيرة لا تملك إمكانية الدفاع عن نفسها. وتضيف الحويك أن ما يجري في مصر حاليا مخطط له ومرسوم بدقة ويهدف إلى أمرين، الأول قصير الأجل والثاني بعيد الأجل، وهذا الأمران حسب الباحثة الحويك هما:
أ – التأثير بشكل قوي ومباشر على استفتاء تقرير المصير لجنوب السودان بحيث يشعر المسيحيون هناك بضرورة الانفصال حفاظا على أمنهم من صعود تيارات تكفيرية في العالم العربي والإسلامي.
ب – العمل الطويل الأجل على استنساخ التجربة السودانية في مصر للوصول إلى مرحلة تطبيقها بشكل فعلي كما هو مخطط.
الحويك تعتبر أن الوضع الحالي يتحمل مسؤوليته أكثر من طرف على السواء، فهناك مسؤولية تقع على النظام في مصر بسبب التلكؤ في إعطاء المسيحيين حقوقهم السياسية أسوة بالآخرين، حيث ان النواب الأقباط في مجلس الأمة المصري يجري تعيينهم من قبل رئيس الجمهورية.
الطرف الثاني المسؤول حسب الحويك هو أطراف قبطية في الغرب تنسق مع أوساط إسرائيلية وأميركية محافظة ومن أخطائها تظاهرة 1983 في الولايات المتحدة ومؤتمر الأقباط الذي عقد في فيينا بتاريخ 11 تموز/ يوليو 2010 الذي أثار لغطا واسعا بين الأقباط أنفسهم قبل الآخرين، مضيفة أن على الأقباط الاستفادة من التطور الذي حصل بالموقف الماروني في لبنان.
الطرف الثالث المسؤول هو الأمن المصري الذي لا يفعل ما يجب لوقف هذه العمليات ولمنع الاحتكاكات في القرى المصرية، أما الطرف الرابع المسؤول ـ بحسب الحويك ـ فهو التيارات التكفيرية التي لها ارتباطات واسعة بدوائر القرار في أميركا، وهذه المجموعات أثبتت أنها غب الطلب عند الحاجة ومستعدة لخدمة مشاريع التقسيم والفتنة بشكل مستمر.
من ناحية ثانية خرجت أصوات في البرلمان الفرنسي تدعو إلى مشروع قانون في فرنسا لحماية مسيحيي الشرق, وقد وقع 100 نائب في البرلمان الفرنسي عريضة تدعو فرنسا إلى استخدام نفوذها من اجل حماية المسيحيين في الشرق من الاضطهاد، وطالب البيان وزارة الخارجية الفرنسية بالتدخل لدى سلطات الدول المعنية لحماية مواطنيها المسيحيين.