16 يناير 2010

المقاومة العراقية تخترق طائرات الاستطلاع بـ25 دولاراً

منذ منتصف عام 2008، تمكّنت المقاومة العراقية من اعتراض إشارات بثّ الطائرات من دون طيار، غير أن خبراء وزارة الدفاع الأميركية تمهلوا في الكشف عن هذا التطور النوعي لحساسية الموضوع، وكسب الوقت على طريق حل الثُّغَر التقنية التي أتاحت حدوث الاختراق، علماً أن تقارير رسمية أميركية تؤكّد أن معالجة الثغر معالجة نهائية غير ممكنة عمـليّاً قبل عام 2014.
وبحسب ما أوضح مصدر مقرّب من المقاومة العراقية لـ «الأخبار» فإن «كتائب حزب الله» في العراق كانت السبّاقة في استخدام التقنية الجديدة، ثم ما لبثت «عصائب أهل الحق» (زعيمها الشيخ قيس الخزعلي المعتقل لدى الاحتلال) أن اهتدت إلى الأسلوب نفسه.
ويؤكّد المصدر نفسه أن المقاومة نجحت في التقاط بثّ الفيديو لطائرات الاستطلاع الأميركية باستخدام برنامج «سكاي غرابر»، الروسي المنشأ، المصمّم للتعامل مع ما تبثّه القنوات الفضائية عبر الأقمار الصناعية، الذي يُباع على شبكة الإنترنت بـ 25 دولاراً و95 سنتاً. ولكن رجال المقاومة وجدوا استخداماً جديداً للبرنامج، وتمكّنوا من معرفة نطاق عمليات القوات الأميركية والاحتماء من رصد الطائرات.
لم يعرف خبراء البنتاغون الثغر في بثّ طائرات الاستطلاع إلّا مصادفة، حين وجد الاحتلال أجهزة حاسوب محمولاً عليها البرنامج المذكور، فضلاً عن «تقنيات متطورة أخرى» بحوزة عناصر من المكتب الإعلامي لـ «كتائب حزب الله» في العراق اعتُقلو في عملية دهم منتصف عام 2008 في منطقة «كسرة الأعظمية».
ظل الخبر بعيداً عن متناول الإعلام العالمي حتى السابع عشر من كانون الأول 2009، حين تحدّثت الصحافة الأميركية عن تحقيقات تجريها استخبارات سلاح الجو الأميركي لمعرفة كيف استطاع «التمرّد» في العراق اختراق بث طائرات الاستطلاع من طراز «بريتادور أم كيو 1» و«ريبيرز أم كيو 9»، اللتين تصنّعهما شركة «جنرال أتوميكس»، علماً أن هذه الطائرات تبث عادةً عبر قناتين: الأولى موصولة بغرفة التحكّم في مقصورة القيادة، والثانية بمركز المراقبة الأرضي.
وفيما قال ضابط في سلاح الجو الأميركي إن الخبراء باشروا عملية تشفير لبث طائرات الاستطلاع، أكد تقرير رسمي استحالة الانتهاء من حماية البث من الاختراق قبل 4 سنوات، ذلك أن البنتاغون فوجئ بمستوى التقنيات التي عثر عليها في حوزة المقاومين. «تقنيات تحتاج إلى جهود دولة»، بحسب ما قاله ضابط في الاستخبارات الأميركية لصحيفة «وول ستريت جورنال».
حتى إن مدير مشروع أنظمة التحكّم في الطائرات من دون طيار في البنتاغون، الكولونيل روبرت سوفا، أكد في مؤتمر صحافي عدم قيام الجيش الأميركي بتشفير إرسال الطائرات، ملمّحاً إلى معرفة الجيش مسبّقاً بوجود «ثُغر بنيوية تقنية» لا يمكن معالجتها.
وأشار ضابط شارك في عملية الدهم في الأعظيمة إلى أن المواد المضبوطة قادت إلى تحقيق آخر عن صلة إيران بتصدير «تقنيات شديدة التعقيدات» إلى المقاومة العراقية. فقد شملت الأجهزة المضبوطة لواقط إرسال وحواسيب وبرامج تحتاج إلى مهندسين «أذكياء جداً» في الإلكترونيات كي يجمعوها في نظام واحد قادر على التقاط بث طائرات الاستطلاع، على حد وصف التقرير الذي رفعه مسؤول التقدير الاستخباري في البنتاغون، جايمس كلابر، إلى وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس.
ولئن حصر الاحتلال استخدام التقنية الجديدة بـ«كتائب حزب الله»، فإن مصادر عراقية مطّلعة أكدت لـ«الأخبار» أن «عصائب أهل الحق» تستخدم الأسلوب نفسه منذ أكثر من عام.
التقارير الأميركية تؤكد أيضاً إمكان اختراق نظام التحكم في طائرات الاستطلاع، وإن كانت تقلّل من هذا الاحتمال لكونه يتطلب مهارات عالية لدى خبراء اختراق الكمبيوترات، علماً أن الوحدات البرية تتلقّى عادةً بث طائرات الاستطلاع عبر لاقط فيديو، أو جهاز شبيه بالكومبيوتر المحمول اسمه «روفر». عملية حماية بيانات البث تتطلب تشفير اللاقط أو «روفر»، وهي عملية غير ممكنة في المدى المنظور، بحسب التقرير الأميركي الرسمي، الصادر عن البنتاغون. ويبقى الحل الوحيد السريع المتاح أمام الجيش الأميركي تضييق مساحة النطاق الجغرافي القادر على استقبال بيانات البث، بحيث يتركّز ضمن مسافة لا تزيد على 92 متراً.
يشار إلى أنها ليست المرة الأولى التي يُعثَر فيها على ثُغر مماثلة في النظم المعلوماتية في الجيش الأميركي، وفي الطائرات من دون طيار تحديداً. ففي حرب البوسنة، استطاع السكان مشاهدة ما تبثه طائرات الاستطلاع الأميركية عبر أجهزتهم التلفزيونية المنزلية. يومها علّق قائد سلاح الجو الأميركي على هذه الثغرة بالقول: «يستطيعون في البوسنة التقاط بث طائراتنا أسهل بكثير من محاولة التقاط بث قناة ديزني».

http://www.al-akhbar.com/ar/node/171484

ليست هناك تعليقات: