وتاريخ الامم كماضي الافراد، فيه مايشرف ويدعو الى الاعتزاز والفخر، وفيه ما يخجل ويدعو الى الاشفاق والحزن.
فينا من ينظر الى ماضيه بعين بصيرة، يدقق في مسار حياته، ليرى ماذا قاده الى الانحدار، فيتجنبه في حاضره ومستقبله. ويرى ما الذي يقوده الى الكمال فيستزيد منه ويشكر الله عليه.
واهم المخاطر التي واجهها بهمة عالية هي فتنة الجالية الاجنبية التي وفدت على زمن العبراني يوسف بن يعقوب، الذي دخل مصر عبداً ومنحته الدولة المصرية كل الفرص للتقدم والازدهار حتى اصبح وزيراً اول لا يصدر قرار الا بمشورته واذنه.
وكان جزاء من احتضنه وحرره من عبوديته واغناه بعد فقره ورفعه الى اعلى المناصب الحكومية، ان يشهد بام العين محاولته لاستغلال منصبه لتغيير نمط حياة المصريين والتآمر على تغيير ديانتهم، ونشر بدعة التوحيد بين صفوفهم.
ونظراً لما تمتع به الفراعنة من تسامح ديني، واطلاق للحريات الشخصية والدينية، انتشرت هرطقة يوسف وتضاعفت اعداد بني قومه وتسللوا لشغل وظائف حساسة في الدولة، وفي المؤسسات الاقتصادية والتجارية الى حد ان احدهم المسمى قارون اصبح لديه كنوز لا يستطيع حمل مفاتيحها الا عصبة من الرجال الاشداء .
- ذبح كل غلام ذكر يولد لهذه الجالية الاجنبية الخطرة .
- يسرى ذبح الذكور في سنة ويعفى منها في سنة لضمان امداد مؤسسات الدولة بالقوى العاملة الرخيصة.
- تسخير كل ذكورها المولودين قبل رؤية الفرعون للخطر القادم، والمولودين في سنة العفو في اشغال شاقة تفيد الصالح العام للدولة ومواطنيها.
- رحمة نساءهم واستبقاءهم على قيد الحياة نظراً لوجود فاتنات يصلحن كجواري في قصر الفرعون وحاشيته، واستخدام من لا تصلح منهن للفراش في اعمال الخدمة المنزلية.
وعلى الفور تم عزل هذه الجالية الخائنة الكافرة بالدين المصري في معتقلات السخرة، وتم تكليف جهاز الامن المعروف بقدرته وكفائته ان يتولى مراقبة الحوامل وحساب اوقات وضعهن لارسال الذباحين في حال تجرأهن على مخالفة قوانين الدولة التي تنص على لا شرعية وضعهن لذكور.
وبرغم سحنته العبرانية الواضحة، والمخاوف على سلامة الفرعون العظيم، والاجراءات الامنية المشددة، تمكنت هذه الجالية الماكرة من التلاعب بعواطف المصريين وزرعت احد ابناءها في قصر الفرعون نفسه، مستغلة للوصول الى هدفها سيدة مصر الاولى المشهورة بعطفها على اولاد الشوارع والعشوائيات.
ولم يؤثر فيه الاحسان الفرعوني الكريم، والتربية على يد اشهر الكفاءات التعليمية ، واشراف الكهنة على تلقينه الديانة المصرية، وانحرف متعمداً عن سبيل الآلهة ليعتنق ديناًُ غريبا عن مصر ومعادياً لسلطتها ونظامها وطريقة حياتها.
وساعده على النجاة من قبضة العدالة، ميله الى السرية واخفاءه لاجتماعاته التآمرية مع احبار الديانة التوحيدية، وتظاهره العلني باحترام رموز ديانة المصريين.
ولكن العدالة الآلهية شاءت ان يفتضح امره على يد بني جلدته، وانكشفت المؤامرة وافتضحت جرائمه كقاتل، عندما تدخل لنصرة احد اخوته في الدين اثناء شجاره للمرة الثانية مع مصري وعندما هم بقتل المصري الثاني ظن العبراني انه يقصد قتله هو، فرفع صوته بالصراخ وافتضح الامير موسى ربيب الفرعون العظيم وهرب الى مدين فراراً من قبضة العدالة ... التي لا تميز بين جريمة يرتكبها الاشراف واخرى يرتكبها العامة.
وبكل حكمة وتروى وتسامح، حاول الفرعون ان يرد هاذين الرجلين الى عقلهما، وان يذكرهم بالولاء لارض مصر ودين مصر وآلهة مصر. الا انهما اصرا على الكفر والولاء للخارج واستعملاً السحر الذي جادت مصر بتعليمه لهما للاضرار بمصر نفسها وشعبها وقائدها المفدى.
وفي حركة تكتيكية بارعة، ولضمان سلامة الشعب المصري من اذى هاذين الساحرين، سمحت الحكومة الفرعونية لهما ومن يرغب من اتباعهما بالخروج من مصر الى الصحراء، ليتمكن الجيش المصري الباسل من مواجهتهم في العراء وضمان عدم تترسهم بالنساء والاطفال واتخاذهم للمصريين دروعاً بشرية .
وعند البحر الاحمر وصلت طلائع عربات جيشنا الباسل وادركت بني يعقوب هناك، وزحف الجيش الجبار وفي مقدمته الفرعون بنفسه، ومن المعروف عنه بانه كان يحارب مع ابناءه في الجيش ولا يتردد في تقديم حياته فداءاً لمصر وديانتها، ولا يختبيء في قصره مع عائلته وحاشيته ويرسل جنوده الى معارك لا طائل من تحتها الا السحت من المال الحرام المأخوذ كرشوة من الدجال لقتال اشقاءه فيما وراء البحار.
هرب يومها بني يعقوب مرعوبين من ضخامة حشدنا المقدام، واستغل ساحرهم معرفته السحرية لخلق ممرات فلقت البحر طرقاً على عدد قبائل بني يعقوب، ولم يتردد ابناءنا وقائدهم العظيم في اقتحام البحر خلف اعداء مصر وكاد الجيش ان يتمكن من تدمير فلولهم الهاربة ... لولا الثغرة .
ثغرة السحر والغدر والخيانة التي مكنت بني يعقوب النفاذ من البحر الهائج، واعادته الى هيجانه عندما اصبح جيشنا الباسل في منتصفه.
وقدمت مصر الخالدة، جيشها وقائدها العظيم، ضحايا وقرابين، على مذبح فداء الوطن والدين.
اتحدى كل من له عقل، ان يعرف من قال هذه العبارة، ومن قيلت في حقه !.
اتحدى كل من له مخيلة واسعة، ان يجترح اعجوبة تخيل من قالها ومن قيلت في حقه !.
واتحدى ان لا تكون الدعوات المماثلة التي تعج بها الانترنت، وتفيض عن فضائيات العهر الديني، والصيحات التي تخرج من افواه الطامعين بفتات موائد السلاطين، ليست الا رجع الصدى لفجور هذه العبارة وقائليها .
جيش من ألوف مؤلفة يقطع الطريق على موكب لايصل عدد من فيه للمائة من طالبي الاصلاح في الدولة الاسلامية الوليدة، وعلى رأسه الحسين بن علي (ع) .
قاتلوا من مرق عن الدين وفارق الجماعة !!!!!
هذا حدث منذ قليل من الآن ...
قبل ساعات ...
اغمض عينيك واطوى صفحة الزمن وانظر بعين البصيرة الى ماوراء الاثير :
شمس تشرق على غابة من الرماح والسيوف من قاطعي الطرق والصادين عن سبيل الله، تقف بلا خجل ولا حياء ولا مخافة من الله في وجه من قال عنه الرسول (ص) :
حسين مني وأنا من حسين ... أحب الله من أحب حسيناً.
وافتح عينيك الآن وانظر: ماذا يفعلون بكل من يعارضهم، او يقف ليذكرهم بواجباتهم الشرعية والوطنية، او ينهض للدفاع عن نفسه وعرضه ووطنه استدراكاً لاهمالهم الذي عرضنا لاخطار الغزو الخارجي ... ماذا يطلقون على هؤلاء الابطال الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر من اوصاف ونعوت :
مغامرين ؟
مهربي اسلحة ؟
متسللين ؟
روافض ؟
كفرة ؟
ولاءهم للخارج ؟
يهددون السيادة الوطنية ؟
يشكلون خطراً على الامن القومي ؟!! .
الا من ناصر ينصرنا ؟ الا من ذاب يذب عن حرم رسول الله (ص) ؟ هل من معين يرجو الله في إعانتنا ؟.
واليوم مليون ونصف مليون فلسطيني يعزلون في معسكر اعتقال تحده الاسوار من كل جهة، ومليون يمني يهجرون من مساكنهم وتقصفهم الطائرات الامريكية صبح مساء، وملايين العراقيين يتعرضون للقتل اليومي على ايدى همج رعاع لا يعرفون رباً الا الدولار الذي منحوه ثقتهم وولاءهم.
لماذا لا ننضم الى معسكر سبط رسول الله ؟
واذا اعجزنا السلاح فلنرمهم بحجر ... بكلمة ... وهذا اضعف الايمان .
لبيك داعي الله