كغيري من الملايين، تمتعت بمشاهدتك منذ طفولتي ...
ولا زلت الى الآن، استعين بموهبتك الفذة لاستطيع اسكات اصوات نحيب المدنيين ..
وتشظي اجسادهم ..
ونشيش احتراق انسجتهم الحية ...
ماعاد النوم سهلاً كاليوم الذي كنت اغفو فيه على اصوات الجنود الاسرائيليين وهم يصرخون خوفاً والماً في الطيبة وبنت جبيل ومارون الراس ويارون ... وفي كل شبر وطأته دباباتهم ...
تسجيلات هلعهم وهم يواجهون مقاومة لم تستطيع دبلوماسية ابو الغيط في بيروت قطع خطوط امدادها، لم تعد كافية لاخراج ألم غزة من صدري...
لازلت الى الآن اغفو على مقاطع مسجلة لمسرحيتك الرائعة : الزعيم.
واظن انها الترف الوحيد الذي يواكب ارتحالي من فراش الى فراش ...
ومن دولة الى اخرى ...
ينتهي وردي ... تشرق الشمس ... اشغل جهازي المحمول واضعه قرب وسادتي، وانام على صوتك ... فقيراً تكافح للتسلل الى غرفتك بدون ان تراك من استحسنت ان تجعلك عريساً لابنتها.
واحببت ان اخاطبك لعلك ترى وجاهة النظرة الاخرى للحياة .
بعيداً عن كل الشعارات والمثل والقيم والمعتقدات والاديان والمذاهب والفلسفات، اريد ان اسألك سؤالاً يحيرني :
هل يستطيع الانسان ان يكون الانا الكبرى، ولتذهب كل الاشياء الاخرى الى الجحيم.
وبالتالي هل تستطيع انت ان تخبز خبزك وان تبني بيتك وان تغزل نسيجك وتفصل منها مايقيك برد الشتاء كي لا أقول حر الصيف ... فلك الخيار ان تلبس فيه او ان تعيش التجربة الدنماركية !.
واذا استطعت كل ذلك ... هل تستطيع ان توفر امنك ؟.
هل تستطيع ان تداوي جرحك ؟.
هل تستطيع ان تساعد انثاك على ولادة طفلك ؟.
بالقطع انت لا تستطيع ذلك كله.
ولو استطعت فقط، تأمين مايقيك شر الموت جوعاً بمفردك.
لكان ذلك انجازاً ضخماً ...
اسمح لي ان اهنئك عليه مقدماً.
اذكر مقاتلاً صارع كلباً للحصول على سندويش "مجدرة" كان احد المترفين من العسكر قد ظن انه لن يحتاج اليه فرماه في النفايات حتى تصارع عليه اسد وكلب .
اذكر ايضاً من اعتذر لشهيد بتمتمة قلبية، وانتزع الغطاء عنه ليدفع عن نفسه برداً "يقص المسمار" في اعالى الجبال المطلة على فلسطين المحتلة.
فاذا، ارجو ان تسلم معي ان الانسان لا يستطيع ان يعيش ومن منطلقات انانية بحتة بدون الناس.
اذا سلمنا بذلك، هناك خيارين :
الاول : ان تعيش سعيداً وان تترك غيرك يعيش بسعادة وهذا جوهر الشرائع والمثل والقيم والشعارات .
والثاني : ان تعيش سعيداً على حساب تعاسة الآخرين .
وبما انك لا تريد ان تسمع شعارات ومثل وقيم .. اردك للخيار الثاني. وهو على كل حال خيار كثيرين ... يعرفهم من يكتب مسرحياتك جيداً.
المشكلة في الخيار الثاني ياصاحبي، ان الانسان اذا آمن به وعمل بموجبه، ستنتقل العدوى ويصبح مجتمعه على صورته، الكل يسعي لافتراس السعادة والتهامها، وليذهب الآخرون الى جحيم تعاستهم .
وفي هذه الحالة سيسود الاقوى ... ونظام مبارك الذي تدافع عنه ليس كذلك .
والاذكى ... ونظام مبارك ليس كذلك .
والاغنى بالموارد ... ونظام مبارك ليس كذلك .
والاقدر على التصنيع والانتاج ... ونظام مبارك ليس كذلك .
وستصبح كفرد داخل مجتمع يحكمه نظام يعمل بثمرة الانا الكبرى ... التي تجمعت له من تضحيات الاجيال التي شدت الحزام وضحت بالغالي والنفيس، لتدخل عالم القوة من ابواب التصنيع والانتاج والاكتفاء الذاتي ... ولا يعد العدة للوحش القادم على جناح المطامع والذي لا يشغله عن الاستحمام بماء النيل الا من تنتقد :
المقاومة في الوطن العربي .
دعنا نحذف الجنة والنار ... الثواب والعقاب ... الشرف والعار ... الذلة والكرامة ... وكل الشعارات التي لا تعجبك، واسأل نفسك ببساطة السؤال التالي :
ماذا لو عقدت المقاومة والدول التي تدعمها اتفاقاً مع اسرائيل، يطلق يدها مع جيرانها الآخرين "كما فعل النظام المصري".
وذهبت في "الواقعية" السياسية حد التعاون مع المشروع الاسرائيلي "كما يفعل النظام المصري" .
وبالتالي، اسئلك، بعد انتفاء المقاومة من امام المشروع الاسرائيلي : أي الفرائس الذ ؟
واي البلدان اغني بالموارد واجدر بالمطامع ؟
لبنان وسوريا وصحراء غزة ومدن الضفة ؟.
او مصر والسودان ؟ ..
.. والسعودية وجيرانها في خليج الذهب الاسود ؟.
ياصاحبي، لو كان لنظامك الذي تدافع عنه ذرة من عقل، لمد خيوط الارتباط سراً وعلناً بكل من يؤجل وصول الكأس المرة الى افواه المصريين .
تظن ان النظام عندما يحين دوره قادر على الدفاع عن نفسه ؟ بسيطة !
دعنا نسأل جمال عبدالناصر الصديق الكبير للاتحاد السوفياتي، والزعيم المؤسس لدول عدم الانحياز ، وقائد الثوار العرب وملهمهم "بحق او بباطل" من المحيط الى الخليج .
اسأل جمال عبدالناصر ... ماالذي كان يقف بين تمدد الجيش الاسرائيلي الى القاهرة ودمشق وعمان في حرب 67 .
واسأل انور السادات المدجج بالاموال الخليجية، والاسلحة السوفياتية ، والمتدرع بجبهة سورية "يوم خدع قادتها واعطاهم خرائط كاذبة يضمن فيها السوريون توزيع الجهد القتالي على الجبهتين ".
اسأل انور السادات : ماالذي منع وصول الجيش الاسرائيلي الى بوابة الازهر .
الوطن ليس رفاه افراد على حساب شقاء ملايين من ابناء وطنهم .
وراحتك في قصرك المحمي بقوات تكفى لحماية جبهة ...
لا يعنى ان دنيا الملايين من المصريين بخير .
الوطن هو رفاه اضعف فرد من افراده .
الوطن ليس مزرعة باشا ... ياباشا
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق