1 نوفمبر 2008

الصدمة والترويع تذوب امام حصير جهنم!














عندما يجلس مفكر استراتيجي في بلد مثل اسرائيل او الولايات المتحدة للتخطيط، يرى امامه على الفور مواطن قوة بلده في الاقتصاد والتسلح والموارد البشرية الكفؤة في مجال استخدام التكنولوجيا الحديثة.
يضع علكة في فمه، يتصل "بالمدلكة" لتحديد موعد عاجل، ويتوه في عالم من خيال لا اخلاق فيه ولا قيم ولا مباديء ... ويأتيه الالهام : الصدمة والترويع .. نعم الصدمة لشل قدرة العدو على التفكير ... والترويع للتسبب بجنون من الذعر يدفع العدو للتسليم او الهرب بدون قتال.
هارلان أولمان ومساعديه كانوا وراء انتاج خطة الصدمة والرعب، وفرحوا كثيراً بالنتائج التي اثمرتها في يوغسلافيا وافغانستان والعراق، ووصلت النشوة حد اعلان ربوبية الدجال الامريكي... اسمع شعر هارولد بنتر الذي حرص الامريكيون على اذاعته اثناء حرب العراق :
"ها هم يذهبون ثانيا.. اليانكيون في دروعهم.. يتغنون ببهجة.. يسبحون بحمد الرب الأمريكي.. في طرق مفروشة بجثث الموتى.. لا يريدون الفناء.. رؤوس تتدحرج على الرمال.. ورؤوس تسبح في الطين.. ورؤوس ملطخة بالتراب.. عينك زاغت وأنفك زكم.. تشم فقط رائحة نتانة الموتى.. ولكن هذا الهواء الميت الذي تشمه هو رائحة الرب الأمريكي".
اسرائيل التي لم تكن بعيدة عن الايحاء والالهام اللذان تلقاهما هارلان أولمان لوضع استراتيجيته الوحشية، وضعت خطة الصدمة والترويع اسمياً موضع التنفيذ للمرة الاولى في حربها على لبنان تموز 2006، وفعلياً في عدوان تموز 93 وعدوان نيسان 96.
حزب الله من جانبه، كان قد تعرف نظرياً على النسخة الامريكية من هذه الخطة، من خلال متابعته لحرب يوغسلافيا. وتكفلت فرق خاصة تابعة له بجمع معلومات ميدانية عنها في حربي افغانستان والعراق. ووجد بعد دراسة معمقة انها خطط مكررة لعدوان اسرائيلي قديم، والعناصر الجديدة فيها له علاقة بمنتجات عسكرية تستخدم للمرة الاولى لا اكثر ولا اقل !.
كانت خطته الدفاعية التي احبطت عدوان تموز ونيسان اكثر من كافية لرد عدوان جديد، ولكن المعطيات المتزايدة عن احتمال شن حرب اطلسية على حزب الله آنذاك دفعته دفعاً الى انتاج رائعته العسكرية ... "حصير جهنم" .
حصير جهنم خطة دفاعية بحتة، والجوانب الهجومية فيها وضعت لخدمة المضمون الدفاعي، ورؤوس الحراب الهجومية لاتتعدى نظرياً نطاق 15 كيلومتر من بداية الخط الدفاعي الاول باتجاه الكيان الغاصب، وعملياً لم يستخدم من النطاق المسموح به سوى 5 كيلومترات في شمال فلسطين ومعظمها لوحدات الاستطلاع، ووجهت وحدة اخرى رسالة ميدانية من خلال تواجدها قرب/ وفي بعض المستوطنات مفادها ان تمدد الجيش الاسرائيلي داخل الجنوب قد يصاحبه تمدد لحزب الله داخل الشمال!.
خطة حصير جهنم تشبه سجادة بنقوش من اشكال هندسية متنوعة، فرشت في مناطق لبنانية مختارة منها الجنوب والبقاع، وهي تشبه مدينة العجائب فوق وتحت وبمحازاة الارض، وتتكون من :
وحدات الدفاع الاقليمية : وهي قوات عسكرية متواجدة في المنطقة بشكل دائم، وعناصرها يسكنون اصلاً في مناطق انتشارهم. ومهمتهم تقضى بالدفاع عن خط الدفاع الاول والثاني والثالث والرابع ...وهكذا دواليك، ووظيفتهم ليست المحافظة على الارض ومنع تقدم العدو، بل هدف وجودهم هو ايقاع اكبر عدد ممكن من الخسائر في صفوف المهاجمين (بسبب عناد عناصر التعبئة* لم يسمح بمرور الاسرائيليين الى خطوط مقتلهم الخلفية كما هو مخطط له، الا بعد تدخل مباشر من السيد حسن نصرالله امر فيها الوحدات العسكرية بالانسحاب من بعض النقاط الواقعة على السياج مع الكيان الغاصب مباشرة ومنها مارون الراس!).
وحدات الاستجابة المرنة: وهي وحدات محلية ولكنها ليست ملزمة الا بالتصدي لعمليات الابرار الجوي والانزال البحري خلف الخطوط. وكلفت هذه الوحدات بمهمة اخرى لم يعلن عنها ولم تضطر الظروف حزب الله لاستخدامها فيها ... الا بعد انتهاء الحرب بسنتين! .
القوات الخاصة : ووظيفتها استهداف كل وحدة معادية تمركزت او في طور التمركز خارج وداخل خطوط الدفاع الثابتة. وتنفيذ عمليات احباط موضعية، وتدمير خطوط امداد العدو، ونقل جزء من المعركة البرية الى اراضيه عندما تدعو الحاجة.
وكمثال على عملها الرائع تولت مجموعة تابعة لها، قامت بعملية التفاف عبر الارض المحتلة في الكيان الغاصب، مهمة قتل وحدة من ضباط الاستخبارات العسكرية تمركزت في خراج بلدة مارون الراس.
الوحدات الصاروخية :
الوحدات الثابتة : وهي عبارة عن مرابض انبوبية ومدافع ميدان وهاونات ثقيلة، ولم تستخدم في الحرب الاخيرة الا بشكل محدود وعلى اساس ارضاء العاملين فيها بعد ان تصاعد تذمرهم من فوات المعركة بدون مشاركتهم.
الوحدات المحمولة : وهي التي تولت رجم الكيان الغاصب ومطاراته وقواعده العسكرية ونقاط تجمع الاحتياط طوال شهر و4 ايام.
وحدة الصواريخ البحرية : وكلنا يعرف باكورة عملها البارجة ساعر 5 التي ضربت على الهواء مباشرة، والكثيرون لا يعرفون اصابتها لقطعتين بحريتين في صور، احداهما تحدثت عنها مصادر المقاومة المعروفة بصدقيتها العالية واكدها جهاز الامن اللبناني ونفاها العدو، والاخرى صورت قناة الجزيرة الدخان المتصاعد منها ونفى العدو ايضاً اصابتها!!.
وحدة الصواريخ المضادة للطائرات : ولم يستخدم منها الا عدد محدود من الطرازات التي يعرف العدو بوجودها في حوزة المقاومة، وبقيت الانواع الاخرى قيد الانتظار لكونها المفاجأة التي اعدت لابادة القوات المحمولة جواً عندما تبدأ عمليات الابرار الجوي واسعة النطاق، وافسدت المفاجأة عندما اسقط احد المقاومين بسلاح "تقليدي" احدى طوافات القوات المجوقلة بعد انزالها لحمولتها من الجنود، وانتبه الاسرائيليون الى خطئهم وتم اجهاض العمليات المجوقلة الا في اضيق الحدود.
وحدات قنص الدروع : وتعمل كجزأ من الوحدات الاقليمية ووحدات الاستجابة المرنة، وقد تسببت هذه الوحدة بخسارة اسرائيل لمليارات الدولارات، نتيجة اجهاضها لصفقات بيع الميركافا "الخارقة" للعديد من الدول. وكان مشهد استهداف وتدمير هذه الدبابات على الهواء مباشرة اسؤ دعاية يمكن ان تحصل عليها سلعة مماثلة.
الوحدة أ : (...)**.
الوحدة ب : (...)***.
الفريق ج : (...)****.
وحدات الاسناد : وهي وحدات احتياط مشابهة للقوات المقاتلة بالفعل. وهي التي تولت الانتشار بعد انتهاء الحرب بساعات!!!.
" لم تجرى أي عملية تبديل في الكثير من النقاط لعدم الحاجة وعدم رغبة الوحدات المرابطة، ومعظم العناصر قاتلت لمدة شهر و4 ايام بدون توقف، وبعضهم لم يستطع تناول طعام جامد الا بعد فترة تدرج دامت لايام بعد انتهاء الحرب ... نظراً لاكتفاءهم بشرب سوائل مغذية مصممة للاستهلاك تحت النار حصراً!!! وهي مدة يفترض ان لا تتجاوز 24 ساعة الى 48 ساعة في اقصى الحدود، ولكنها استمرت لايام ناهزت الاسبوعين في بعض النقاط : قصف جوي وبري، يتبعه محاولات تقدم، ثم مواجهة عنيفة، فخسائر في القوة المهاجمة، وانسحاب لها، وعودة القصف... وهكذا دواليك !!.
وحدات الدعم والامداد: وظيفتها تأمين انسياب الاتصالات والذخائر والمؤن والمحروقات، والدفاع عن ممرات النقل وتأمينها ضد عمليات التخريب .
فلسفة "حصير جهنم" : التأقلم مع النار المعادية، واضافة عناصر نارية موازية، حتى لا يطيق البقاء في الميدان الا من عرف الرحمن !!.
التطبيق العملي :
اولا- تحمل همجية الصدمة والترويع فوق الارض وتحتها.. على فكرة! 90 بالمائة من المعارك التي خاضتها المقاومة في حرب تموز كانت مواجهات عنيفة وجهاً لوجه، وبالتالي معظم العناصر واجهت عاصفة الصدمة والرعب في العراء ولم تظللها الا العناية الآلهية... وهنا مثالين عن "نوعية" التحصينات التي احتمى بها عناصر الخط الاول في الميدان :
- في مارون الراس اجرى الاسرائيليون عملية مسح منهجية بالنار (حلاقة على الزيرو) لكل البيوت والنتؤات التي يمكن ان يحتمي تحتها او خلفها مقاومين، وعندما عنف القصف لم يجد احد المقاومين الا عامود دائري من الاسمنت لاحد المنازل قيد الانشاء فقام باحتضانه نظراً لارتجاج الارض واقسم انهما طاراً معاً عندما سقطت احدى الصواريخ الاسرائيلية على حطام البيت الذي يجاورهما!.
- في حقل مغطى بالاشجار يوجد مربض للمدفعية وهضبة من ذخائره مغطاة بقماش للتمويه من نفس الوان المحيط، وعندما بدأت عمليات القصف، استهدفت هذه النقطة بقذائف حارقة، ويذكر احد المقاومين انه شاهد كرات نار ضخمة تزحف باتجاه نقطته، فارتمى ارضا وغطى رقبته العارية بيديه فغمرته موجة اللهب وعبرت لتجتاز هضبة الذخائر ومربض المدفعية واكملت طريقها الى آخر الحقل المشجر.. وعندما فحص المقاوم يديه وجد ان النار اتت على الشعر دون الجلد!!! وان الخسائر التي تركتها بالمدفع والذخائر التي كان يجب ان تنفجر على الفور، لا تتعدى حرق القشرة الخارجية من قماش التمويه !!!.
ثانيا- تغطية نقاط مختارة بغزارة نارية عالية (خطوط الحصير).
ثالثاً- زرع نسفيات هائلة الحجم في نقاط مختارة (قطب الحصير).
رابعاُ- امكانية تحويل أي مربع من مربعات الحصير الى نقطة للقتل في غضون 10 دقائق.
خامساً- (...)*****
سادساً-(...)******
خلاصة استنتاج الدجال الامريكي وفرخه الاسرائيلي بعد المواجهة بين "حصير جهنم" و"الصدمة والترويع" :
اسرائيل : علينا ان نعود الى اساسيات القتال (تعلم العسكرية من الصفر!).
امريكا : ندرس تدريب الجيش الجورجي على طريقة حزب الله في القتال!!.

· * عناصر التعبئة : هم كافة المنتمين لحزب الله في مجال التنظيم والثقافة والسياسة والمهن الحرة والنقابات والاعلام، ولا علاقة لهم بالقوات العسكرية المحترفة، وهم بمعظمهم طلاب جامعات واختصاصيون من كافة اختصاصات الحياة المهنية ومنهم نواب ووزراء وقيادات سياسية من الصف الاول، ويخدمون لمدة شهر في السنة على الخطوط الامامية.
· ** وحدة سرية في حزب الله ويشار اليها من باب التخمين انها الوحدة الاستشهادية.
· *** وحدة سرية في حزب الله جاء على لسان احد القيادات ذكرها على سبيل الدعابة انها باب جهنم!!.
· **** فريق مكلف بمايسمونه في ادبيات الحزب بضربة آخر التكليف. ولعله المفاجأة الكبرى التي توعد السيد حسن نصرالله العدو بها في آخر خطاباته التي رد فيها على تهديدات العدو.
· ***** تفصيلات لا تزال قيد الكتمان في خطة حصير جهنم.
· ****** تفصيلات اخرى لا تزال قيد الكتمان في خطة حصير جهنم.

ملاحظة مهمة : ما ورد اعلاه من تسميات ومشاهدات وتحليلات ... وجهة نظر غير رسمية ولاعلاقة لاحد بها غير كاتبها.

هناك 3 تعليقات:

غير معرف يقول...

اللهم احفظ المقاومة و انصرهم

ناصر يقول...

آمين رب العالمين، واحفظ انصارهم ومحبيهم وشركاءهم في كل محنة وكل نصر.

ناصر يقول...

زقزوق

انا اتولى ادارة مدونة السيد ناصر حتى يعود بسلامة الله.
ولا استطيع نشر ملاحظاتك المهذبة رغم تفهمي لما تعانيه ... فك الله اسركم .
والجواب على ماطرحته موجود في التدوينة نفسها :
ملاحظة مهمة : ما ورد اعلاه من تسميات ومشاهدات وتحليلات ... وجهة نظر غير رسمية ولاعلاقة لاحد بها غير كاتبها.
والغاية التي نشرت من اجلها التدوينة يعرفها القاريء الذي وجهت اليه اساساً.