18 أكتوبر 2008

مهندس المعلوماتية في مهمة امداد!


ماحدث في حرب تموز، يشبه ركوب المستحيل، على كل المستويات ومن كل زاوية من زوايا المشهد اللبناني آنذاك. تخيل والمقارنة ليست مبالغة بل انتقاص مما حدث :

  • اجمع عمليتي الصدمة والترويع اللتان مورستا على العراق وافغانستان واضربهما بثلاث اضعاف ، وقلص المساحة المستهدفة بالقصف من مساحة العراق وافغانستان الى ... مساحة جنوب لبنان والبقاع والضاحية الجنوبية ونقطتان في الشمال والضاحية الشرقية لبيروت.
  • او تخيل كل الحروب الاسرائيلية - العربية وماانفق فيها من ذخيرة اسرائيلية واضربها باثنين، وتخيل وضعاً يسيطر فيه العدو سيطرة مطلقة على سماء لبنان ، ويقوم بقصف كل بيت او جسر او عبارة او سيارة او اسعاف او طريق او دراجة نارية او هوائية او حتى ام تحمل ابنها وتدخل بسيارتها الى منزلها في قرية تبعد عن خطوط المواجهة ستين كيلومتراً. ووصل اليأس الاسرائيلي حد استهداف مواسير بلاستيكية في حديقة منزل، لان شكلها يشبه دانات صواريخ الكاتيوشيا!!.
في احدى مستشفيات الجنوب، نفذ المازوت الذي يشغل مولدات الكهرباء، وفي ظل انقطاع الكهرباء الحكومية اصبح من شبه المستحيل تشغيل غرف العمليات، ووحدات دعم الحياة، وبرادات الشهداء. واسقط في يد الاطباء وظللت المستشفى غمامة الموت.

وفجأة وصل مهندس المعلوماتية في المستشفى احمد.خ. من قرية تبعد عن المستشفى قرابة العشرين كيلومتراً. وبعد ان انهالت عليه عبارات التأنيب لمخاطرته بنفسه والمجيء في ظل هذه الظروف (وخصوصاً ان سيارة العمل التي يأتي بها من نوع "الرابيد" وكان هذا النوع مستهدفاً بشكل اخص عن كل السيارات لقدرته على حمل الصواريخ). سألهم عن سبب عتمة المستشفى فاخبروه، فجن جنونه، وسألهم عن سبب عدم وصول موزع المازوت المعتاد، فاخبروه ان الصهاريج ومحطات الوقود تم استهدافها، وان الموزع اتصل بهم معتذراً عن الحضور لان الطائرات استهدفت الحي الذي يسكن فيه واخطأت المحطة باعجوبة، واخبرهم انه قد جهز صهريج مازوت يكفى حاجة المستشفى لعشرة ايام، وسيحضره فور توقف القصف.
اخذ المهندس عنوان الموزع وذهب اليه على الفور ويقول عن رحلته ساخراً : كانت رحلة ممتعة للغاية، مروج خضراء، وشلالات مياه، وبحيرات تسبح الخالق. الى ان وصلت الى المحطة وركبت الصهريج وعدت به الى المستشفى، لافاجىء انهم كتبوا نعي وكان يتأهبون لنشره.

ابو محمد... سلمت يداك.

هناك تعليقان (2):

حـنــّا السكران يقول...

صديقي ناصر

أنا سعيد بالصدفة التي أتت بك إلى عالم التدوين هذا .. لتمتعنا و تفيدنا بما تكتب ..
أنا متابع دائم ..

أحييك و أشكرك جدا ..

ناصر يقول...

عزيزي جو

الحمدلله على صداقتك.